الرئيسية » الرئيسية » إليكم مفتاح السّعادة…

إليكم مفتاح السّعادة…

السعادة ذلك المطلب الذي ينشده كل حي، صغيراً كان أو كبيراً، فقيراً كان أو غنياً. وبالتالي فسر السعادة يتمايز من شخص لآخر. ورؤية السعادة ليست محددة. فكل أحد يرى السعادة بطريقة يختلف فيها عن غيره.

السعادة في معناها المختصر هي الشعور بالبهجة والإستمتاع بالحياة. هي حالة يرى فيها الإنسان كل شيء من حوله جميلاً يستحق العيش.
إنك تعرف جيداً بأنك وحدك من يموت ولن يكفيك أحد ذلك، بل ولن يشاركك أحد موتك، لذا كان لزاماً عليك أن تحيا حياتك بنفسك وأن تجد سعادتك بنفسك، ولا تبحث عنها عند غيرك. فمن سيتركك تموت وحيداً مهما كان بالنسبة لك ومهما كنت غالياً عنده، فلن يستطيع منحك سعادتك في الحياة.

الكثير منا يبحث عن السعادة عند غيره من الناس، ويسعى لإرضاء الآخرين آملاً في تحقيق السعادة، وهو بذلك يقدم مشاعرهم على مشاعره ليجد نفسه في آخر المطاف غير قادر على إسعاد نفسه، وبالتالي يعجز عن العيش حياة أكثر استقراراً. إذا أجلت سعادتك وقدمت عليها سعادة غيرك حتى لو كان ذلك دافعه الحب فسينتهي بك الحال إلى الشعور بالخيبة نتيجة لردود أفعالهم تجاهك.

لذلك عليك تذكر ذلك دائماً بأن محاولاتك الدائمة في إسعاد الآخرين على حساب نفسك لن تكون كافية لتحقيق الغرض منها سواءً لك أو بالنسبة للآخرين. وسينتهي بك الحال إلى أن تتوقع من الآخرين الكثير مما يؤدي بك إلى الإستياء الشديد وكره الحياة. إن الإعتماد على الآخرين في تحقيق السعادة هو طريق التعاسة الوحيد. بينما كان عليك أن تعلم بأن أحداً سواك لا يعرف الطريق إلى اسعادك.

إذا كان باعتقادك أن تفانيك وبذلك الجهد في التضحية من أجل الآخرين سيكون بمثابة الدين لك عليهم، فإنك ببساطة تضحك على نفسك وتخدعها بالإضافة إلى أنك تمنح غيرك فرصة إحباطك. عليك أن تعمل بصدق مع ذاتك ولأجل نفسك لتحقيق سعادة نفسك.

إذا لم تعمل أنت على اسعاد نفسك، فلن تكون سعيداً في حياتك. وإذا كنت تنتظر أي أحد في حياتك أن يقدم لك السعادة، فإنك ستنتظر طويلاً وسيقتل الإحباط وشعور الخيبة وسوء الظن والأمل كل مباهج الحياة في عينيك. إن مهمتك الأساسية في الحياة أن تسعد نفسك وأن تعمل على جعلها سعيدة دون الحاجة إلى تدخل من أحد أو انتظار وقوع الأحداث المناسبة. سعادتك هي مسؤوليتك أنت وحدك، ولطالما كان هناك ما تريد تعمله وتستطيع عمله. قم يعمله الآن ولا تنتظر من أحد أن يقوم به نيابة عنك وتحقيقاً لك.

هذا لا يعني أن تكون أنانياً. وعليك أن تطمئن فلن ينظر إليك أحد على كونك أناني. فالآخرون مشغولون بحيواتهم، فربما لن يلاحظوا حتى ذلك. وحتى إن لاحظوا ذلك ففي الأغلب أنهم سيغبطونك على عملك الدؤوب من أجل اسعادك لنفسك. كما أنك لست مديناً لأحد حتى يجادلوك في حياتك وأمر اسعادك لنفسك. كما أن من يكره ذلك لك أو يكرهك شخصياً، فإنه سيكرهك يغض النظر عما تفعله في حياتك، لذلك عليك دائماً أن تفعل ما يساهم في تحقيق سعادتك بغض النظر عما يجري حولك ومن دون الوقوف كثيراً عند مشاعر من حولك.
إن حقيقة موتك وحيداً ومن قبل ذلك ولادتك فرداً مستقلاً كافية لأن تحفزك على العمل الدؤوب من أجل تحقيق سعادتك، من دون انتظار تحقيق ذلك ممن هم حولك. الحياة قصيرة جداً ولا تحتمل منك تضيعهها في انتظار رؤية محاسنها ومباهحها كما يراها من هم حولك ليقدموها لك كما تريد لحياتك. أنت وحدك من يملك القدرة على رؤية سعادتك، وأنت وحدك من يملك القدرة على تحديد ماهية سعادة نفسك. لذلك يجب عليك وحدك أن تعمل لتحقيقها.

لا تربط سعادتك بغيرك. ولا تجعل وجود أحدهم في حياتك سببا لسعادتك، ولا يكن همك الرئيسي اسعاد غيرك على حساب حياتك. كن متزناً في ذلك فتحقيقك لسعادتك لا يعني ولا يلزم بالضرورة تجاهل حياة من هم حولك. فطبيعة الحياة هو تقاطع حيواتنا مع بعضها البعض، وبالتالي فنحن بحاجة ماسة على الدوام إلى الموزانة بين الأمور. هناك ما هو مسؤوليتك وحدك تحقيقه لأجل سعادتك وهناك ما عليك فعله تجاه الآخرين لأجل حماية سعادتك وصيانتها وربما مشاركتها.
في المشهد الأخير لحياتك سيكون هناك عدد لا بأس به ممن شاركوك الحياة يشعرون بالأسى والحزن على فراقك، وهذا غاية قدرتهم تجاه موتك ونهاية حياتك، وربما يكون هناك من هو محب لك فيستمر بالدعاء لك بعد موتك وتذكرك بعمل الخير من أجلك. لكن كل ذلك لن يعيدك للحياة ولن ينجيك أيضاً من مسألة الحساب، ومع تقادم السنين على موتك لن يذكرك إلا القليل القليل جداً ممن شاركوك الحياة في حب. إن الحياة وسعادتها لن يستطيع أحد مهما كان حبه لك، أن يقدمها لك كما تريدها أنت. هذا لا يعني أن الآخرين من حولك سيئون للغاية. لكنهم حقيقة لن يستطيعوا هم على الجانب الآخر أن يمنحوك حياتهم لأجل أن تحقق سعادنك، وإن فعلوا ذلك فستكون سببا لتعاستهم وخيبة أملهم وبالتالي ربما كرههم الحياة.

فأنت في المحصلة يجب عليك أن تكون سعيداً في حياتك، وأن تكون سعادتك نابعة من داخلك وبتحقيق ذاتك، وفي الوقت ذاته لا تكون سبباً لتعاسة غيرك وكرهه للحياة. إن عملك على تحقيق سعادتك ليس بالضرورة أن تكون أنانياً وسلبياً في تعاطي الحياة مع من يشاركونكها بل على العكس تماماً فتحقيقك لسعادتك واستقرار نفسك سيكون سبباً رئيسياً معيناً لك على المشاركة في سعادة الآخرين من حولك. وهنا لا يوجد أي تناقض بين أن تحقق سعادتك بنفسك و أن تمنح السعادة للآخرين، فالقادر على اسعاد نفسه في المحصلة قادر على اسعاد غيره، والعاجز عن تحقيق سعادة نفسه سيظل عاجزاً عن اسعاد الآخرين بل وسبباً لتعاستهم.
أسعد نفسك فأنت وحدك أعلم بنفسك وبخفاياها، وأنت وحدك المسؤول عن نفسك وعن تجاربك في الحياة. فاختر لنفسك ما تريد في حياتك، واعمل على تحقيق كل ما من شأنه أن يجعل من حياتك أكثر سعادة، ولا يكون هاجسك الخوف من العيش وحيداً، فلو أمعنت النظر قليلاً في حياتك الآن فستجد أن كثيراً ممن جمعتك بهم الحياة في الماضي، وكانوا يوماً ما هم مصدر سعادتك، هم اليوم غائبون تماماً عن أدق تفاصيل حياتك، وهذا ليس بالأمر السلبي الذي عليك جعله سبباً لترسيخ مفهوم السلبية والتعاسة للحياة، بل على العكس تماماً هو أمر ايجابي وهو سبب استمرارالحياة وعامل أساس في تحقيق السعادة. فالحياة استمرارها بتنوع تجاربها وأماكنها وشخوصها. ولو كانت الحياة في نفس تجاربها وأمكنتها وشخوصها لما استطعت تحملها ولأصبحت حياتك تعاسة مطلقة.
أسعد نفسك ولا تنتظر أي أحد أو أي ظرف.

أسعد نفسك ولا تستسلم أمام كل مشاهد الحزن الطاغية التي تملأ فضاء الحياة.
إن مشاركة الحزن، بل والحزن ذاته عمل سهل يستطيعه كل أحد، لكن عمل السعادة تستصعبه كثير من النفوس فلا تكن كذلك، بل أسعد نفسك وكن السعادة وسبباً لنشرها في نفوس كل أحد من حولك.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*